Palestinian المديرة
عدد المساهمات : 128 تاريخ التسجيل : 03/04/2011
| موضوع: أقلام الحرة الثلاثاء أبريل 05, 2011 5:33 am | |
| مبكراً كانت اسرائيل، قد اعتمدت منهجاً ثابتاً برفض إطار وقرارات وقوانين الشرعية الدولية، التي تتعارض وهي غالباً تتعارض مع مصالح واستراتيجيات، وسلوك الدولة العبرية. لا مجال هنا ولا ضرورة لسرد الوقائع والقرارات، فهي كثيرة، والأفضل لغير المقتنعين أو المشككين بهذه الحقيقة أن يسردوا لنا القرارات التي التزمت بها اسرائيل، حتى قرار قيامها العام 1948، الذي يعود الى القرار 181 الصادر عن الأمم المتحدة العام 1947، ويعرف بقرار التقسيم، حتى ذلك القرار، تجاوزته اسرائيل جذرياً، فحصلت بالقوة على المساحة الأكبر من فلسطين، وأنكرت على الفلسطينيين الجزء من القرار الذي يتصل بحقهم في إقامة دولتهم.
اسرائيل كانت قد ضمت القدس بعد احتلالها مباشرة العام 1967، ثم ضمت الجولان السوري المحتل، واليوم ترهن أية تسوية محتملة تتصل بهذه المناطق الى استفتاء عام. قرار الكنيست الذي بدأ باقتراح من حكومة نتنياهو، يسحب صلاحيات هذه الحكومة وكل الحكومات اللاحقة، إزاء البحث في تسويات تتصل بالقدس والجولان، الأمر الذي يغلق امكانية تحقيق أية تسوية بشأن هاتين المنطقتين. الكلام عن أن اسرائيل بقرارها تخالف القرارات والقوانين الدولية، ليس أكثر من مجرد لغو فارغ طالما لا تدعمه قوة مناسبة، ذلك أن الحديث عن مخالفة اسرائيل للقرارات الدولية والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني هو حديث لا ينقطع، لكنه حديث يصطدم بجدار القوة الاسرائيلية الغاشمة وبالحماية الأميركية الدائمة وبالعجز العربي الدائم.
الإدارة الأميركية التي علق البعض عليها آمالاً عريضة، اعتبرت الأمر شأناً داخلياً اسرائيلياً، رغم إدراكها العميق للآثار الخطيرة والسلبية المترتبة على هذا القرار فيما يتصل بجهودها الرامية لاستئناف المفاوضات والعملية السلمية. سيكتشف هؤلاء المراهنون أن هذه الإدارة لا تقل سوءاً عن الإدارة التي سبقتها، وأنها لا تفعل سوى التواطؤ في أحسن الحالات مع السياسات الاسرائيلية التي تستهدف تدمير كل محاولة لتحقيق السلام وفي الغالب فإنها تدعم تلك السياسات. القرار الذي اتخذته الكنيست عملياً يرسم ملامح سياسة اسرائيلية لا ترى مكاناً لاتفاق سلام، ولا حتى وفق الحد الأدنى الذي تتبناه الولايات المتحدة ويقف عند حدود رؤية الدولتين لا غير.
هذا القرار ينسف من الأساس امكانية قيام دولة فلسطينية، ذلك أنه بالإضافة الى القرارات والقوانين العنصرية الأخرى، يشطب كل قائمة الحقوق الفلسطينية، ويفرض حلولاً مسبقة لكل قضايا الحل الدائم.
موضوع اللاجئين يشطبه قرار اسرائيل بشأن يهودية الدولة، وإذا أضفنا اليه قرار قسم الولاء لإسرائيل دولة يهودية ديمقراطية فإنه يشكل أساساً للتخلص ايضاً من الفلسطينيين أصحاب الأرض المتمسكين بوجودهم في الأراضي المحتلة منذ العام 1948.
القرار بشأن القدس يشطب عملياً هذا الملف من البحث، فإحالة أي اتفاق الى الاستفتاء العام يعني بشكل مؤكد وبناء لطبيعة المجتمع الاسرائيلي، على أن اسرائيل ستواصل تمسكها بالقدس عاصمة موحدة لها.
المجتمع الاسرائيلي يطغى عليه التطرف، إذ يشكل المستوطنون والمتدينون الغالبية العظمى، والتي يزداد وجودها وتأثيرها في صياغة القرار، ذلك أن معدلات الولادة السنوية لدى اليهود المتدينين تعادل تقريباً مثيلاتها عند الفلسطينيين.
اسرائيل أيضاً ترفض أن ترسم حدودها، وهي لا تعترف إطلاقاً بحدود الرابع من حزيران العام 1967، كحدود محتملة للدولة الفلسطينية. إذا كان هذا هو الموقف الاسرائيلي بالنسبة للقضايا الأساسية الثلاث، القدس واللاجئون وحدود الدولة، فما الذي يتبقى من الحقوق الفلسطينية وما الذي يبقى للتفاوض عليه.
المفاوض الفلسطيني يجد صعوبة بالغة في ملاحقة المفاجآت الاسرائيلية، فكلما اقترب حل ملف فرعي كملف الاستيطان يجد نفسه أمام قرارات وتشريعات ووقائع على الأرض يفتح عليه أبواب جهنم حتى بات في وضع لا يحسد عليه، فلا هو قادر على اتخاذ قرار بمتابعة المفاوضات، ولا هو قادر على اتخاذ قرار بالتخلي عن هذا الخيار.
ماذا ستفعل الادارة الأميركية إزاء دورها في إزالة العقبات من أمام تقدم العملية السلمية، وهل لديها ما تقنع به الفلسطينيين والعرب من أنها جادة في مساعيها؟
أغلب الظن أن الأمور وصلت الى الطريق المسدود، إذ لم يعد ثمة إمكانية لتبرير سياسة البحث عن حلول سلمية عبر المفاوضات، ولم يعد ثمة ما يبرر الاستجابة للطلبات والجهود الأميركية التي تثبت كل يوم انحيازها الكامل والأعمى للسياسة الاسرائيلية.
اذا حاولنا أن نرسم خارطة للمستقبل وفق القرارات الاسرائيلية المتعاقبة فإننا سنصل فقط الى النتيجة التي تحدث عنها شارون العام 2001، في معرض شرحه لحله المرحلي بعيد المدى الذي يعطي للفلسطينيين فقط 42% من أرض الضفة.
القدس الموسعة تصادر نحو 20% من الضفة، ويصادر الاستيطان نحو 6%، والجدار نحو 2,5%، يكون مجموع ما تصادره اسرائيل من أراضي الضفة نحو 28,5%. يضاف الى ذلك ادعاءات اسرائيل بأن منطقة الأغوار تنطوي بالنسبة لها على أهمية استراتيجية وهي تساوي 30% من الضفة، يكون ما تبقى نحو 42%، هذا في أحسن الأحوال ذلك ان اسرائيل ما تزال تتطلع للاحتفاظ بما تسميه يهودا والسامرة.
أين سيكون الحل، وفق الرؤية والسلوك الاسرائيلي؟ من المرجح أن اسرائيل لا ترى مكاناً لدولة فلسطينية سوى في قطاع غزة، أو ربما إنعاش فكرة الأردن كوطن بديل. اذا لم تكن الادارة الأميركية تدرك أبعاد قرار الكنيست فإن عليها أن تدرك الآن أنها ساهمت وتساهم في تدمير كل إمكانية لتحقيق السلام في هذه المنطقة. | |
|